تقارير وتحليلات

نشر في : 05-12-2024

تاريخ التعديل : 2024-12-08 00:41:31

فريق نداء الأرض

أكدت رزان خليفة المبارك، رئيسة الاتحاد الدولي للحفاظ على الطبيعة، خلال كلمتها في قمة "المياه الواحدة" التي عُقدت في العاصمة السعودية الرياض، الدور الحاسم للنظم البيئية للمياه العذبة في مواجهة التحديات العالمية المتعلقة بالاستدامة.

مبادرة تحدي المياه

جاءت دعوتها بالتزامن مع إطلاق مبادرة "تحدي المياه العذبة"، أكبر المبادرات العالمية لاستعادة الأنهار والأراضي الرطبة، بصفتها إحدى النتائج الرسمية المتعلقة بالمياه التي أُعلنت في مؤتمر الأطراف (COP28) الذي استضافته دولة الإمارات العربية المتحدة.

وفي إطار استعداد دولة الإمارات، بالتعاون مع السنغال، لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمياه في عام 2026، أكدت رزان المبارك، أهمية تعزيز التعاون الدولي لحماية واستعادة النظم البيئية للمياه العذبة عالميًا.

وأشادت بالالتزام المتزايد من قِبل المجتمع الدولي تجاه مبادرة "تحدي المياه العذبة"، التي تهدف إلى استعادة 300 ألف كيلومتر من الأنهار المتدهورة، و350 مليون هكتار من الأراضي الرطبة بحلول عام 2030، إلى جانب الحفاظ على النظم البيئية السليمة للمياه العذبة.

وأشارت إلى أن هذه المبادرة التي أُطلقت بوصفها إحدى النتائج الرسمية المتعلقة بالمياه خلال (COP28)، تلعب دورًا محوريًا في استعادة النظم البيئية للمياه العذبة على مستوى العالم.

وفي سياق متصل، أعربت رزان المبارك عن ترحيبها بانضمام أستراليا وكازاخستان إلى مبادرة تحدي المياه العذبة، وشجعت الدول الأخرى على الانضمام.

وخلال القمة التي شهدت مشاركة رؤساء دول وقادة من السعودية وفرنسا والعراق وكازاخستان والمغرب، بالإضافة إلى قادة أبرز مؤسسات التمويل العالمية مثل البنك الدولي وصندوق البيئة العالمي، أعربت المبارك عن إعجابها بالالتزام الكبير الذي أبدته الدول حتى الآن تجاه الانضمام إلى المبادرة وتنفيذها، إذ تضم المبادرة حاليًا 50 دولة عضوًا، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي.

من جهته أعلن كارلوس مانويل رودريغيز، المدير التنفيذي لصندوق البيئة العالمي، خلال القمة، استثمارا قدره 5 ملايين دولار أمريكي في هذه المبادرة؛ الأمر الذي من شأنه تسريع وتيرة اتخاذ الإجراءات من خلال معالجة بعض من أهم الاحتياجات والتحديات التي حددتها الدول الأعضاء.

وأضاف أن هذه المبادرة تعد عنصرًا أساسيًا لتحقيق أهداف 30x30 والتي تهدف إلى حماية 30% من الأراضي و30% من المحيطات بحلول عام 2030، ضمن الإطار العالمي للتنوع البيولوجي.

مشروعات نموذجية

وأوضح أن مساهمة الصندوق ستدعم مشروعات نموذجية محددة وتعزز استخدام أساليب مبتكرة وفعّالة، مع التركيز على التواصل مع الشباب والمجتمعات المحلية والشعوب الأصلية، لافتا إلى أن هذه الجهود ستسهم في تحقيق أهداف المبادرة.

وإلى جانب المساهمة المقدمة من برنامج المياه الدولي التابع لصندوق البيئة العالمي، تم بالفعل تخصيص تمويل مشترك يتجاوز 10 ملايين دولار أمريكي من مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة، بما في ذلك القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والدول الأعضاء.

وتهدف مبادرة تحدي المياه العذبة، خلال الأشهر المقبلة، إلى زيادة حجم التمويل المشترك والعمل بشكل وثيق مع الدول الأعضاء لتحديد تفاصيل المشروع.

كما تجدر الإشارة إلى أن قمة "المياه الواحدة" عُقدت على هامش الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر "COP16"، التي استضافتها الرياض.

ويعد هذا المؤتمر ثالث وآخر مؤتمر للأطراف يُعقد هذا العام ضمن اتفاقيات ريو الثلاث، التي تشمل إلى جانب اتفاقية مكافحة التصحر، كلاً من اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي.

وتُعقد هذه القمة أيضًا قبل مؤتمر الأمم المتحدة للمياه، الذي ستستضيفه كل من السنغال ودولة الإمارات في عام 2026.

ريادة إماراتية

وتؤكد هذه الفعالية التاريخية مكانة الإمارات وريادتها في تعزيز الشراكات وقيادة الحلول المبتكرة للحفاظ على المياه العذبة.

وتم إطلاق مبادرة تحدي المياه العذبة في مؤتمر المياه الأخير في عام 2023، بدعم من الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، ومؤسسات "Conservation International"، و"Nature Conservancy"، و"Wetlands International"، بجانب الأمانة العامة لاتفاقية رامسار للأراضي الرطبة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، وهو ما يتماشى مع رؤية دولة الإمارات للتنمية المستدامة وريادتها في تعزيز الأمن المائي العالمي.

تدهور كبير

وقالت رزان المبارك، إن المياه تمثل تحديًا عالميًا، لكنها أيضًا قضية محلية، لذلك من الضروري تمكين المجتمعات المحلية ومنظمات المجتمع المدني من حماية النظم البيئية للمياه العذبة بشكل أفضل، مشيرة إلى أنه من خلال التعاون الفعّال مع الحكومات والشركات التي تعتمد بشكل كبير على المياه، يمكننا تعزيز القدرات وتوفير الموارد اللازمة لاستعادة هذه النظم البيئية الحيوية.

وقد تعرضت الأراضي الرطبة والأنظمة المائية العذبة لتدهور كبير، حيث فقد العالم 87% من أراضيه الرطبة خلال الأعوام الـ300 الماضية.

وتلعب النظم البيئية الصحية للمياه العذبة، مثل الأراضي الرطبة، دورًا رئيسيًا في التخفيف من آثار الفيضانات والجفاف، كما تسهم بشكل أساسي في مواجهة الأزمات المترابطة المتعلقة بالمناخ والطبيعة، وتعزز التنمية الاقتصادية المستدامة. بالإضافة إلى ذلك، تُعتبر هذه النظم أدوات فعّالة لتخزين الكربون وتنقية المياه وتخزينها.

مبادرة تحدي المياه العذبة

وخلال كلمتها، سلطت رئيسة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة الضوء على التقدم الذي أحرزته بعض الدول في إطار مبادرة تحدي المياه العذبة.

فقد دمجت ليبيريا الأراضي الرطبة في إسهاماتها المحددة وطنيًا بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، في حين أنشأت الإكوادور ثلاث مناطق جديدة لحماية المياه بمساحة إجمالية تصل إلى 100 ألف هكتار، وأطلقت كمبوديا برنامجًا للمنح الصغيرة لدعم جهود استعادة الغابات المغمورة بالفيضانات.

وفي هذا الإطار، أكدت رزان المبارك أن "المياه تُعد من الأمور التي يعتبرها معظمنا من المسلّمات، إذ نراها مجرد سلعة تُستخدم في الطهي، والاستحمام، والصناعة، وحتى في التخلص من النفايات. ولكن الحقيقة أن المياه تمثل أكثر من ذلك بكثير؛ فهي أساس الحياة وجزء لا يتجزأ من الطبيعة، ويجب إدارتها وحمايتها كنظام بيئي حيوي، وليس مجرد مورد للاستهلاك والتداول".

وشددت على أهمية انضمام دول العالم إلى المبادرة والعمل على إدراج الأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة وأراضي الخث في خططها واستراتيجياتها الوطنية، وفقًا لاتفاقيات ريو الثلاث.